الأربعاء، 14 مارس 2012

لَا تَغضّبِي يَا أُمِي



لَا تَغضّبِي يَا أُمِي .؛‘
إِن رَأيتنِي أَبكِي بِـ حَرقَـة .؛‘
إنْ رَأَيتي وَجعِي بِكُل ذَرَة مِن تَكوينِي .؛
إِن شَعرتِ بالَآهات تُدمينِي ،
منذُ ولَادتِي وَحَظِي عَاثراً ،
وَقدري بِالشؤم مَوشوم .؛
ولِـ الَأحزان مَوطنٌ بِعِمقْ الروحْ .؛
أَتلوى كَالظِل لَهفةً إلَّى ذَاكَ البَعيد الغَائبْ
أخبرينِي ../
مِن يُمكنه إنتشَالِي مِن شَوكِي ..؛
مَن يُمكنه أَن يُشفِي جرَاحِي ،
كَيفَ سَأَقوى ، كَيفَ سَأرتوي ،
كّيفَ سَأَكْتم حَجمَ وَجعِي ،
وَظِلَال الذكْرى تَأَكلُنِي ؛
كَيفَ يُمكِن لِلوفَاء 
أنْ يَكون سَبباً فِي تَحطيمْ فُؤَادي ،
دونَ رَحمَة وبِمُسَاعدة مِن القَدّر.؛
أَموت فِي الثَانية أَلف مَرة ،
أتبعثَّر بيِن مسَامات الدُنيا الفَانيَة والحَياة الَأبدية .؛‘
لَا تَغضّبِي يَا أُمِي /
إِنْ بَدأتُ بِالصُراخ
فَحَبيبِي مِن أرضٍ بَعيدَّة تُدعى آشور.؛
عَانقتهُ روحي ؛ إقترن بهِ قلبي .؛
أَحْبَبتَهُ بِفكري وعَقلِي .؛
كَثيِرة كَانتْ لَحظَاتِنا ...؛
كَبيِرَة هِي أحلَامنَـا ؛.؛‘
معاً بنينَا قصور الحُبْ ؛؛‘ 
معاً مزقنَا اليَأسْ وقطعنَا الوعِد .؛
يحسدنَا الصَباح ويبكينَا الوقت ؛؛
مَع أَزهَار الرَبيع غَردتْ قلُوبنَا .؛
وَمعْ ذبُولِهـا سُرقتْ هَوية عُمري
فَلَا تسَألِي يَا أُمِي / مَتَّى سَأستعيدهَا
فَأنَا لَا أُريد الِاحتِراق بنفس الفتيل مَرتيِنْ.؛
فالأوقَات السَابقة مَا عادت تُشبهُنِي ؛‘
وَغيابهِ الموحشْ هَذا يٌفزعُنِي
القلبُ قَد أُتخِمَ بِالفقَد .؛ لَمْ أستطعْ بَترهُ ..
حينهَا أَدرَكتْ أبنَتَكِ بِأَنِهَا مَا عادتُ هِي .؛
الضَوء فِي عينيهَا قَد بَهتْ ، ونور وَجههَا قَد أَفَلّ
حينهَا أَدرَكتْ أَنِهَا تَكتُب بِاحتِراقٍ لِمَا مضَّى ،
فَـ أَلَالَأمها لَا حدود لهَا لِتنهَش مِنَ مَا تَبقى من عمرها البَائسْ .
لَا تَغضّبِي يَا أُمِي../
إن شَعرتِ أنَ الحُبَّ الذي زَرعتهِ فِي قلبْ أبنَتَكِ
قَد جَفّت أَرضهُ و بَاتتْ قَاحلَة جَردَاء ..؛
إن رَأيتِ الحُزن يَأخذهَا لِباطن عينيهِ.. 
وَلَم تَستطعْ النجَاة بِنفسهَا مِن سَطوَة عطرهِ ..
إِن رأيتهَا تَسيرُ نَحو الجحيِم
وَأمواج الوَجع تتَقاذفُهَا بِكُلِ قسَوة يُمنَةً وَيُسرَةً
إِن رأيتهَا والوحَدة رفيقتين تتسامرانْ
ربما يعود الَأمل وتُسافران لِدولة النسيَان
هاربتانْ مِنْ ظلم هَذا الزَمَان .؛
إِن رَأيتها هَزيلَة شَاحبَة المَلَامحْ
يُشكلهَا الوَجعْ كَيفمَـا شَاء .؛
إِن رَأيتهَا حُبلَه بالبُكاء /
فَـ ابنتكِ
 بَاتتْ قِطعَة شَهيَة لِ الَألَم يَتلذذ بِهَا كُلمَا اشتَاق .؛
آه يَا أُمِي
كَمْ أشتهِي أَن أُجيد الِإختفَاء
كِي أَهرُب بعيدةً عَن أحزانِي بَاحثَة عَن سَعادتِي.؛
فَالَأحزان يَا أُمِي مِن صُنع البشَّر ؛
والسَعادة مِن صُنعْ الله ؛
وَسَعادتِي هُناكَ فِي السمَاء إِلى جانب الله .؛‘
حيثُ الَأمَان ؛ حَيثُ الرَحمة ؛
حيثُ العَدالَة ؛ حيثُ الَأرواح النقيَة الطَاهِرَة ؛
وَحمَامة تُرفرف فَوقُ رَأسِي،
لَا تَغضّبِي يَا أُمِي /
إن لَمْ أَقل لكِ مُعانَاتِي
فَأَنا عَاجزة عَن شَرح مَا بِي مِن ألَآلَام
مِن أَوجاع .؛ مِن قهر وَاضطهَاد،
عَاجزة عَن إزالَة تِلكَ الَأشواكَ
التِّي لَا تَتوقف عَن وخزي كُل ثَانيَة
عَاجِزة عَن استعاَدة
بسمَة عُمري التِّي خَطفهَا اليَأسُ منِّي
فَهوتِ بمَكانٍ سَحيقٍ جداً
لَا تَغضَبِي إِن أَلقيتي القَبضْ عَليَّ أَتمزق
أَتعذَب مِن اسْتبدَاد الغيَاب وبَطشْ القَدر
فَالحيَاة لَيسَت إِلَا ظلاما حَالك السَواد
الِبيَاض غَادرهَا يَا أُمِي
بتنَا أُمـة سَيبتلعهَا الضَباب
خطاهُ ذَاهبة نَحوَ السمَاء
لِيمحو حَماقاتِ آدم المُحبِ لِسفكِ الدِمَاء
مَا عَادت تَصلُحْ إِلَا لِعَويل الذِئاب
وَهِي تُنادي لِرقصَة المَوت
فِي دِمشق الدِمَاء تتنَاثّر بِلَا رحمَة
والَأجسَاد كَالدمى تتَكسَر
 بِلَا كَفن ولَا سُترَة
وَبيروتَ تَنتظِر ؛ وبَغداد تَحتَرِق والَآتِي قَادم
لَمْ يبقَ شَيء سِوى الَألَم
 والَألَم يُهشم مَعنَى الَأمل
سِوى الدَمار ، والدَمار يَعنِي الفنَاء لِأمـة البشَّر
لَا تَغضَبِي يَا أَمِي / وسَامحِينِي
فَأَنَا أشتَاق لِـ المَوت
 فَكُل شَيء فِي الكَون لَا يُغيرنِي بالحيَاة.